قصيدة النقاب للشيخ العربي الرحوي
قصيدة النقاب - الشيخ العربي الرحوي
نص القصيدة
تعريف بالشاعر وقصة القصيدة
الحاج العربي الرحوي الفيلالي السروري، شاعر الملحون من أهل فاس. كانت حرفته "ترحويت"، أي أنه كان يشتغل في رحى (مطحنة الزرع) بوادي الصوافين، وكان يسكن بحي العيون بمدينة فاس. عاش في عهد السلطان مولاي الحسن الأول، وكان حمدوشي الطريقة، ولكنه لم ينظم في الطريقة الحمدوشية بل نظم في الطريقة العيساوية. له قصائد مشهورة مثل "ريح المولود"، "الإدريسية"، "النقاب"، وقصيدة "الكرش".
القصة الحقيقية للقصيدةكان الحاج محمد التدلاوي، صاحب الرحى، يأتي كل شهر عند الحاج العربي السروري الفيلالي (الملقب بالرحوي) ليأخذ حسابه الشهري. لكن الحاج العربي لم يسدد حسابه لعدة شهور لأنه كان مبذراً لماله على أصدقائه الذين يحفظون قصائده، وعلى عشيقته أيضاً.
رفع التدلاوي دعوى عند الحاكم، فاعترف الرحوي بدينه قائلاً: "اما من كرش خلات مولاها، انا نقولها نصرف موزونة وهي تقولي صرف متقال". فحكم عليه الحاكم بأن تُربط رجله بحبل على الرحى حتى يسدد دينه.
كان التدلاوي معجباً بعشيقة العربي وكان يلاحقها، لكنها لم تكن تريده. وعندما علمت بمحنة حبيبها، باعت كل ما تملك من ذهب وسددت الدين الذي على العربي. عندما عرف الحاج العربي بما فعلته حبيبته وبقصتها مع صاحب الرحى الحاج التدلاوي، نظم قصيدة "النقاب" رداً على هذا الخصم الذي أراد أن "ينقبه" ويكشف عيوبه. رحمه الله، ويُقال إنه أحرق جميع دواوينه الشعرية (كنانيشه) قبل وفاته.
شرح القصيدة بيتاً بيتاً
هذه القصيدة هي عبارة عن "مناظرة" أو رد شعري قوي من الشيخ العربي الرحوي على شاعره خصمه (الحاج التدلاوي)، يصفه بـ "النقّاب" (الذي يبحث عن العيوب). القصيدة تتمحور حول أصول فن الملحون، واحترام الشيوخ، وعاقبة الغرور والادعاء في ميدان الشعر.
الخماسة: الفخ المنصوبيبدأ الشاعر بوصف كيف أن "النقّاب" حاول أن ينصب له فخاً محكماً، لكنه وجد الشاعر مستعداً وكريماً ("صابه ساخي"). هذا "النقّاب" لم يفكر في العواقب، فعمي عن الحقيقة ووقع هو نفسه في مصيدة الشيوخ الكبار، فخسر كل شيء ("ما بقى لا بيض لا فراخ").
القسم الأول: تأديب الجاهليفكر الشاعر في هذا الخصم "البخيل الدامر" (الحقير) ذي العقل الفارغ، ويقول إنه يستحق التأديب الشديد. يقرر أن يرد عليه بقصيدة قوية ليعلمه أصول الفن ("انفقهو في انساخي")، لأن هذا "النقّاب" لا يفهم المعاني الدقيقة للملحون.
القسم الثاني: مصير المتكبرينيشبه الشاعر خصمه بسور ضعيف، مهما ارتفع فمصيره السقوط. ويذكره بأن أسواراً لمن كانوا أكثر منه ادعاءً قد سقطت قبله. لقد حاول دخول "سوق الشيوخ" (مجتمع الشعراء الكبار)، لكنهم تفوقوا عليه وسخروا منه ("عليه شاخو") وأوقعوه في فخاخهم. وينصحه بالتواضع وقبول قواعد اللعبة.
القسم الثالث: الشعر ليس بالغروريؤكد الشاعر أن الشعر ليس بالنفخة والغرور. ولولا جهل هذا "البونفاخ" (المتكبر)، لما تجرأ على تحدي أصحاب الفن الرفيع. فمن لا يتبع أسلوب الشيوخ الكبار، عليه أن يستسلم في المناظرة الشعرية. هذا هو مصير كل من يشتم الشيوخ ويتطاول عليهم.
القسم الرابع: الادعاء بعد الفشليقول الشاعر إن هذا الخصم الحقير، بعد أن فشل، بدأ يدعي أنه شيخ وشاعر كبير. يذكره بأنه كان مجرد "فريخ" (مبتدئ) عندما بدأ. لقد حاول القفز فوق فخ الشاعر، لكن الفخ أمسك به بقوة، والآن سيخبر الشاعر بقية الشيوخ بما حدث لهذا المدعي.
القسم الخامس: خاتمة وقاعدة عامةيختم الشاعر بقاعدة عامة: من لا يطيع شيخه ومعلمه، لا يمكنه أن يدعي المشيخة. فمثل هذا الشخص يحتاج إلى تأديب قاسٍ ("الكي بالمحور في مخه"). ثم يرسل سلامه إلى الشيوخ الحقيقيين أهل الفن الرفيع، ويوقع القصيدة باسمه "العربي"، مفتخراً بأن شعره قوي وقادر على أن "يشتت العقول" من شدة بلاغته.
شرح الكلمات الصعبة
- النقّاب: الحفّار، والمقصود هنا الناقد الذي يبحث عن العيوب أو الشاعر المنافس.
- يْرُومْ: يقصد، يحاول.
- افْخَاخِي: مصائدي، فخاخي.
- مَزْرَارْ: محكم الإغلاق.
- سَـاخِي: كريم، وهنا تعني أن الفخ كان مفتوحاً أو أن الشاعر كان مستعداً.
- لَعْقـوبَا: العاقبة.
- رب لُورَى: الله سبحانه وتعالى.
- مْصِيدَةْ الشْيَاخْ: مصيدة الشيوخ (الشعراء الكبار).
- الدامر: الحقير، الذي لا قيمة له.
- اكفيخ: فارغ، تافه.
- الكلخا: الضرب على القفا، كناية عن التأديب الشديد.
- النفخا: الكبر والغرور.
- نسخا: نسخة، جزء من شعره.
- اصراخي: صريح، عالٍ.
- انساخي: قصائدي أو أسلوبي الشعري.
- اسجية الرخاخ: فن الشعر الرقيق والسهل الممتنع.
- الباخص: الحقير، قليل القيمة.
- يسيخ: ينهدم، يسقط.
- الغاتب: الغائب، أو هنا قد تعني الجاهل.
- شاخو عليه: تفوقوا عليه، سخروا منه.
- الْبونفّـاخ: المتكبر، المغرور.
- النسّـاخ: الشعراء الذين يتبعون أسلوباً معيناً.
- الوغى: الحرب، وهنا تعني المناظرة الشعرية.
- اسلاخي: مستسلم، منزوع السلاح.
- افريّخ: فرخ صغير، كناية عن كونه مبتدئاً.
- يتـشيّخ: يدعي المشيخة والعلم.
- ينقز: يقفز.
- لفخيّـخ: تصغير فخ، أي مصيدتي الصغيرة.
- خيّـخ: أوقعه في الفخ، أهانه.
- الكي بالمحور: الكي بمحور الرحى، كناية عن أشد أنواع التأديب.
- الغل مسخو: الحقد شوهه.
- املاخي: ثيابي أو أرداني.
- يشتّـت المخاخ: يذهل العقول.
هذا العمل الأدبي يقع في الملك العام. موقع "البقراج" يقوم بجمع وحفظ ونشر هذا التراث الشعبي مع إضافة قيمة تحليلية ومعرفية له.
نشر وتحقيق: الفنان الشعبي أكرم ليتيم