قصيدة مايلي صدر حنين لبومدين بن سهلة مع الشرح
قصيدة ما يلي صدر حنين - بومدين بن سهلة
نص القصيدة
شرح القصيدة بيتاً بيتاً
تعتبر هذه القصيدة نموذجاً رائعاً لشعر الغزل في الملحون، حيث يبدأ الشاعر بالشكوى من لوعة الفراق والعواذل، ثم ينتقل إلى الوصف الحسي الدقيق لجمال محبوبته، وينتهي بتحقيق الوصال (ولو في الخيال).
المقطع الأول: شكوى الوحدة والعواذل"ما يلي صدر حنين * كثروا حسودي و حسودك..."
يفتتح الشاعر القصيدة بشكوى من وحدته، فهو لا يجد صديقاً مقرباً أو "صدراً حنوناً" ليبث له شكواه. يوضح أن العائق بينه وبين محبوبته هو كثرة الحساد له ولها. يعبر عن يأسه من إيجاد طريقة للوصول إليها ورؤيتها. ثم يتساءل عن الشيء الذي يمكن أن يطفئ نيران شوقه، ويصفها بـ "كاملة الزين".
"يا عذاب قلبي من نهوى * في محبتك ما صبت دواء..."
يخاطب محبوبته مباشرة قائلاً إنها "عذاب قلبه". يعترف بأنه لم يجد دواءً شافياً لحبه، وأن أي نصيحة أو "فتوى" دينية لا تفيد في حالة غرامه. لقد أصابه الحب بجرح عميق ومتمكن. ويزداد ألمه قوة في غيابها، على الرغم من أنه صبر على هذا الحال لسنوات طويلة.
"أنجرحت بالشفة أما لك * من كمال حسنك و جمالك..."
يقول إنه جُرح بجمال شفتيها وبكمال حسنها وجمالها. يتعجب من عظمة الخالق الذي وهبها جمالاً لا يضاهيه جمال. ثم يصف شعرها الأسود ("السالف") بأنه يسلب عقل من يراه، وأن سواده يفوق سواد "غراب البين" (وهو غراب أسود كبير كان يعتبر في الموروث نذير شؤم وفراق، ويستخدم هنا للدلالة على شدة السواد).
"سالفك على الغرة طايح * مصبوغ كحيل و ناصح..."
يواصل وصف شعرها الأسود المصبوغ الذي ينسدل على جبينها الأبيض المشرق. ثم يصف حاجبيها بأنها كالأقواس التي تجرح بسهام نظراتها. أما خداها فهما كالورد المتفتح في حمرتهما ونضارتهما، وجمالهما هذا يكاد يفتن عاشقها حتى ينسى دينه.
"يا شبيهة شعاع القمرة * و المشتري مع الزهراء..."
يشبهها في إشراقها بضوء القمر والكواكب كالمشتري والزهرة. ويقول إن جمال رقبتها الفاتنة قد أفقده صوابه. يؤكد أن جمالها هو خلق إلهي فريد لا يوجد مثله في البر أو البحر. أما سواعدها ("زنودك")، فهي كالسيف الذهبي الذي تقدر قيمته بألفي دينار.
"بزنود تسحر و معاصم * مخمس طبعوه خواتم..."
يصف أياديها بأنها تسحر بمعاصمها المزينة بالخواتم. أصابعها دقيقة كقلم طالب العلم الذي حفظ القرآن كاملاً. ثم ينتقل لوصف فمها، فيقول إن جمالها يتفوق على كل الجميلات، وفمها ("الثغر") يحتوي على أسنان كالمرجان والجواهر. ورائحة فمها عطرة كالمسك والعنبر. أما صوتها، فيشبهه بالأنغام الموسيقية الموزونة على مقامي "السيكة" و"الحسين".
"وصفك ما وصفه فاصح * لو يظل في بهاك يصلح..."
يختتم الشاعر القصيدة بالاعتراف بأن أي شاعر فصيح لا يمكنه أن يوفي جمالها حقه. ثم ينتقل إلى وصف نهديها، مشبهاً إياهما بالتفاحتين. وفي البيت الأخير، يوقع الشاعر باسمه "بن سهلة"، معلناً أنه قضى ليلته سعيداً لأنه نال مراده وحاز على وصال محبوبته. هذه النهاية تمثل ذروة القصيدة وتحول الشكوى والمعاناة إلى فرحة وانتصار بالوصال.
شرح الكلمات الصعبة
- صدر حنين: (كناية) صديق مقرب وعطوف يمكن للمرء أن يبث إليه همومه.
- ما صبت منين: (عبارة دارجة) لم أجد طريقة أو سبيلاً.
- أرجاني: (فعل أمر) انتظرني، أو أمهلني، أو دعني.
- مكين: راسخ، عميق، ومتمكن.
- سالفك: خصلة الشعر المنسدلة على جانب الوجه.
- غراب البين: هو الغراب الذي كان يُعتقد في الأدب القديم أنه نذير شؤم وفراق. استخدامه هنا هو للمبالغة في شدة سواد شعرها.
- الغرة: بياض وإشراق الجبين.
- ناصح: صافٍ وخالص، وتستخدم لوصف اللون النقي.
- مجارح: (جمع) تجرح أو تسبب الجراح.
- الداج: سواد الليل وظلمته الشديدة.
- الوقفة: الهيئة أو القامة والمظهر العام للشخص عند وقوفه.
- أمــحــاله: (جمع محلة) وتعني مخيماته ومنازل جيشه، وهي كناية عن الحاشية والقوة التي تصاحبها.
- خلخلتني: أربكتني، أذهبت صوابي، زعزعت كياني.
- البرين: (تثنية البر) وتعني البر والبحر معاً، أي على وجه الأرض كلها.
- زنودك: (جمع زند) وهي السواعد، أي المنطقة ما بين الكوع والرسغ.
- مخمس: نوع من الخواتم الكبيرة، أو ما كان مزيناً بخمسة فصوص.
- حافظ الستين: حافظ القرآن الكريم كاملاً، حيث ينقسم القرآن إلى ستين حزباً.
- الثغر: الجزء الأمامي من الفم والأسنان، وغالباً ما يستخدم ككناية عن الفم بأكمله.
- رشفتين: (تثنية رشفة) وتعني مقدار ما يُشرب في المرة الواحدة، أي شربتين أو مصتين.
- صوت بالذيل يخبر: عبارة تصف جمال الصوت ورقته، وقد تشير إلى طريقة نطق معينة فيها دلال أو رقة.
- مزموم: موزون أو مضبوط على نغم معين.
- سيكة و حسين: من أشهر المقامات والطبوع في الموسيقى الأندلسية والمغاربية.
- فاصح: شخص بليغ وفصيح اللسان.
- تفافح: (جمع تفاحة) تفاح، وهي كناية عن النهدين.
- حاز: نال، امتلك، وظفر بـ.
هذا العمل الأدبي يقع في الملك العام. موقع "البقراج" يقوم بجمع وحفظ ونشر هذا التراث الشعبي مع إضافة قيمة تحليلية ومعرفية له.
نشر وتحقيق: الفنان الشعبي أكرم ليتيم