قصيدة ما أعطى لك ربي من زين للشيخ بومدين بن سهلة
قصيدة: ما أعطى لك ربي من الزين
للشاعر الشيخ بومدين بن سهلة التلمساني
ما أعطى لك ربي من الزين
يا رقيق الحاجب
فضلك الحي ألا يورى
ما وجدت مثلك عذراء
عندك جبين كما الزهراء
فيه كل مكاتب
عندك جبين مثل القنديل
فيه وشمة من طبع النيل
و الشعر كيف ظلام الليل
فوق صدرك رايب
الشعر طاح على الأكتاف
فوق الأبدان أرخى الأطراف
و الحواجب نونين ظراف
كواوني بلا مشاهب
العيون نشاشب و أشفار
طاعنين أكبادي بالنار
الورد فتح وجلنار
على الخدود يناسب
الورد فاتح و النسري
فوق خدك خطف بصري
ضاق أمري و فنى صبري
و روحت منك راهب
ضاق أمري و رجف رجفة
من الثغر و الريق و الشفة
قرمز راسم في قضيفة
بحسنه راق مذهب
البدن نوريه للطلبة
شاط بي محرر للكتبة
النهود والزند و الرقبة
كواوني بلا مشاهب
البدن نوريه للعاقل
شاط بي و الساق يهبل
الرديف بصوته يهول
يسحر اللي تايب
الرديف يهوس تهواس
حين تدرج كغصن الياس
تفتن جميع عقول الناس
الصبي و التاقي و الشايب
شاع خبرك في البهجة بان
و شاع في الربعة أركان
بأخبارك سارت الركبان
و حسن زينك غالب
ضاق أمري ليس نخفيه
يا اللي قلبي مولع به
اسمي بن سهلة نوريه
تحت جناحك هارب
الشرح :
شرح قصيدة "ما أعطى لك ربي من الزين"
تعتبر هذه القصيدة من أشهر قصائد الغزل في الشعر الملحون الجزائري، ويصف فيها الشاعر جمال محبوبته وصفاً حسياً دقيقاً، معبراً عن شدة إعجابه وتأثير هذا الجمال عليه.
البيت الأول:
> ما أعطى لك ربي من الزين * يا رقيق الحاجب
> فضلك الحي ألا يورى * ما وجدت مثلك عذراء
> عندك جبين كما الزهراء * فيه كل مكاتب
>
الشرح: يبدأ الشاعر قصيدته بمخاطبة محبوبته مباشرة، معبراً عن دهشته من الجمال الفائق الذي وهبها الله إياه، ويخص بالذكر دقة حاجبيها. يؤكد أن الله (الحي الذي لا يرى) قد فضلها بجمال فريد، وأنه لم يجد فتاة بكر (عذراء) تماثلها في حسنها. يشبّه جبينها بكوكب الزهرة في إشراقه وصفائه، ويلمح إلى أن مصيره وقدره مكتوبان على هذا الجبين المشرق.
البيت الثاني:
> عندك جبين مثل القنديل * فيه وشمة من طبع النيل
> و الشعر كيف ظلام الليل * فوق صدرك رايب
>
الشرح: يواصل الشاعر وصف جبينها، فيشبّهه هذه المرة بالقنديل المضيء. ويذكر وشماً يزينه، لونه أزرق داكن كلون صبغة النيل، مما يزيد من جماله. ثم ينتقل لوصف شعرها الأسود الفاحم الذي يشبه ظلام الليل، وهو ينسدل ويتمايل "رايب" (أي مسترسل كالحليب الرائب) على صدرها.
البيت الثالث:
> الشعر طاح على الأكتاف * فوق الأبدان أرخى الأطراف
> و الحواجب نونين ظراف * كواوني بلا مشاهب
>
الشرح: يستمر في وصف شعرها المنسدل على كتفيها وجسدها. ثم يعود لوصف حاجبيها، فيشبّههما بحرف النون "نونين" في تقوسهما ورسمتهما الأنيقة. ويقول إن جمال هذين الحاجبين قد "كواه" وأحرقه بنار العشق دون الحاجة إلى لهب أو نار حقيقية "مشاهب".
البيت الرابع:
> العيون نشاشب و أشفار * طاعنين أكبادي بالنار
> الورد فتح وجلنار * على الخدود يناسب
>
الشرح: يصف عيونها ورموشها بأنها كالسهام "نشاشب" التي أصابت كبده (مجازاً عن قلبه ومشاعره) وأشعلت فيه النار. ثم يصف خديها بأنهما مزيج متناغم من لون الورد المتفتح وزهر الرمان "جلنار"، في إشارة إلى حمرتهما الوردية الجميلة.
البيت الخامس:
> الورد فاتح و النسري * فوق خدك خطف بصري
> ضاق أمري و فنى صبري * و روحت منك راهب
>
الشرح: يؤكد مرة أخرى على جمال خديها، ويضيف وصف "النسري" (نوع من الورود البيضاء أو الورد البري) إلى جانب الورد الأحمر، مما يدل على بياض بشرتها المشوب بحمرة خفيفة. هذا المشهد "خطف بصره" وأفقده السيطرة على نفسه، فضاق به الحال ونفد صبره، وانصرف من أمامها "راهب" أي خائفاً من شدة تأثير جمالها عليه.
البيت السادس:
> ضاق أمري و رجف رجفة * من الثغر و الريق و الشفة
> قرمز راسم في قضيفة * بحسنه راق مذهب
>
الشرح: يعترف الشاعر بأن حاله قد ساء وارتجف من تأثير فمها "الثغر" وريقها وشفتيها. يصف لون شفتيها الأحمر القاني كلون "القرمز" المرسوم على قطعة من المخمل "قضيفة"، وهو وصف يجمع بين دقة الرسم ونعومة الملمس. هذا الجمال الراقي يبدو وكأنه مطلي بالذهب "مذهب".
البيت السابع:
> البدن نوريه للطلبة * شاط بي محرر للكتبة
> النهود والزند و الرقبة * كواوني بلا مشاهب
>
الشرح: ينتقل الشاعر من الوجه إلى وصف الجسد، ويقول بفخر إن جمال جسدها يستحق أن يُعرض على "الطلبة" (العلماء والفقهاء) ليدركوا عظمة الخالق. ويقول إن هذا الجسد قد أحرقه "شاط بي". ثم يعدد أجزاءً أخرى زادت من لوعته وهي النهود والزند (الساعد) والرقبة، مؤكداً أنها كَوَتْه بنار الجمال دون لهيب.
البيت الثامن:
> البدن نوريه للعاقل * شاط بي و الساق يهبل
> الرديف بصوته يهول * يسحر اللي تايب
>
الشرح: يكرر فكرته بأن جمال جسدها يدركه كل "عاقل"، ويضيف أن ساقها "تهبل" (أي تسلب العقل). وينتقل إلى "الرديف" وهو الجزء الخلفي (الأرداف)، ويقول إن حركته أو صوت خلاخيلها "يهول" (يأخذ بالألباب) لدرجة أنه يسحر حتى الرجل التقي التائب عن الهوى.
البيت التاسع:
> الرديف يهوس تهواس * حين تدرج كغصن الياس
> تفتن جميع عقول الناس * الصبي و التاقي و الشايب
>
الشرح: يصف تمايلها أثناء المشي، فهي "تهوس" أي تثير الجنون بحركتها الرشيقة التي تشبه اهتزاز غصن شجرة الياس (الآس) اللدن. ويؤكد أن فتنتها عامة، فهي تأسر عقول الجميع: الصغير "الصبي"، والتقي "التاقي"، وكبير السن "الشايب".
البيت العاشر:
> شاع خبرك في البهجة بان * و شاع في الربعة أركان
> بأخبارك سارت الركبان * و حسن زينك غالب
>
الشرح: يقول الشاعر إن شهرة جمالها قد ذاعت في "البهجة" (لقب لمدينة الجزائر) وظهرت للعيان، وانتشرت في أركان الدنيا الأربعة. وأن القوافل "الركبان" تتناقل أخبار حسنها، الذي ينتصر ويتغلب على كل من يراه.
البيت الحادي عشر:
> ضاق أمري ليس نخفيه * يا اللي قلبي مولع به
> اسمي بن سهلة نوريه * تحت جناحك هارب
>
الشرح: في ختام القصيدة، يبوح الشاعر بحاله ويعلن أنه لم يعد قادراً على إخفاء ضيقه وشوقه لمحبوبته التي "تولّع" بها قلبه. ثم يكشف عن هويته بتواضع وفخر قائلاً: "اسمي بن سهلة"، ويختم القصيدة بطلب الحماية واللجوء إليها، معتبراً نفسه هارباً من لوعته وطالباً الأمان "تحت جناحك".
هذا العمل الأدبي يقع في الملك العام. موقع "البقراج" يقوم بجمع وحفظ ونشر هذا التراث الشعبي مع إضافة قيمة تحليلية ومعرفية له.
نشر وتحقيق: الفنان الشعبي أكرم ليتيم