الفنان أكرم ليتيم
بإشراف: أكرم ليتيم

فنان وباحث في التراث الشعبي الجزائري

في هذا الموقع، أقدم لكم شروحات دسمة ومحتوى احترافي. أستعين بالذكاء الاصطناعي كنقطة انطلاق، لكن كل معلومة تخضع لمراجعتي الدقيقة، مع استشارة مستمرة لمشايخ وفنانين مختصين لضمان الأصالة والموثوقية.

خط المقال

اختر الخط المفضل لديك للقراءة:

تجليات المدح والتوسل: دراسة في ديوان الشيخ إدريس بن علي السناني في مدح الهادي بنعيسى

تجليات المدح والتوسل: دراسة في ديوان الشيخ إدريس بن علي السناني في مدح الهادي بنعيسى

تجليات المدح والتوسل: دراسة في ديوان الشيخ إدريس بن علي السناني في مدح الهادي بنعيسى

فهرس ديوان المدائح العيساوية
القصيدة الرابط المباشر
القصيدة الأولىيا الهادي بن عيسى جيت للزيارة
القصيدة الثانيةلله الحمد زرت شيخي يوم العيد
القصيدة الثالثةأسيدي بنعيسى بحر الكمال
القصيدة الرابعةيا من بجهره فاق كل جهر
القصيدة الخامسةضيف الكريم يا بنعيسى غير علي
القصيدة السادسةيا رجال مكناس وينكم
القصيدة السابعةيا أهل الله غيثوا عبدكم
القصيدة الثامنةيا عاشقين في الكامل مولى مكناس
القصيدة التاسعةيا إمام الحضرة يا بنعيسى
القصيدة العاشرةيا سيدي امحمد بنعيسى الفحل
القصيدة الحادية عشريا أهل الموهبة و أهل الكمال
القصيدة الثانية عشريا مولى مكناس يا بحر الصفا
القصيدة الثالثة عشريا ربي بحرمة الشيخ بنعيسى
القصيدة الرابعة عشريا من هو والي على مكناس
القصيدة الخامسة عشريا من صنت سرك في حجاب الجلال
القصيدة السادسة عشريا من سره فايز على الأسرار
القصيدة السابعة عشريا ربي بجاه سلطان الأولياء
القصيدة الثامنة عشريا أهل الله يا أهل الوفا
القصيدة التاسعة عشريا ربي بالمصطفى جد بالقبول
القصيدة العشرونيا ربي سهل زيارة الكامل
نص المقال التحليلي

يحتل ديوان المدائح العيساوية للشاعر الفاسي إدريس بن علي السناني مكانة فريدة في خزانة شعر الملحون المغربي والتراث الصوفي على حد سواء. فهذا الديوان، المكون من عشرين قصيدة، لا يمثل مجرد عمل أدبي رفيع، بل هو وثيقة روحانية ترسم بدقة متناهية علاقة المريد بشيخه، وتكشف عن منهجية متكاملة في المدح والتوسل، جعلت من هذه القصائد جزءاً لا يتجزأ من الطقوس والأذكار في الزاوية العيساوية ومواسمها السنوية.

منهجية المدح: بناء صورة الشيخ الكامل

لا يكتفي السناني بمدح الشيخ الهادي بنعيسى كشخصية تاريخية، بل يبني له صورة متكاملة كـ"شيخ كامل" وقطب صوفي جامع لمراتب الولاية. تتأسس هذه الصورة على عدة محاور رئيسية تتكرر في الديوان بأساليب متنوعة:

  • الأصل الشريف والنسب الطاهر: يبدأ الشاعر غالباً بتأكيد نقاء نسب الشيخ وطهارته من كل عيب، كما في قوله: "يا بن الأصل الطَّاهَرُ من جَمِيعُ العُيُوب". هذا التأسيس يمنح الشيخ شرعية روحية متجذرة، ويربطه بسلسلة الأولياء والصالحين.
  • الولاية الكونية والسلطة الروحية: يقدم السناني الشيخ بنعيسى ليس فقط كولي محلي، بل كـ"سلطان" و"إمام الأقطاب" الذي تمتد ولايته الروحية لتشمل المشارق والمغارب. تتجلى هذه السلطة في قدرته على جذب الأرواح ("سرك اجدب الارواح") وخضوع الجميع له، حتى "الطغات والنصارة"، مما يعكس مقام التمكين الذي بلغه.
  • الشيخ كبحر للعلم والمعرفة: من أكثر الصور الشعرية تكراراً هي تشبيه الشيخ بالبحر، كما في "أسيدي بنعيسى بحر الكمال". هذا البحر لا ينضب، يفيض بالأسرار والمعارف، ويروي كل من يقصده ظمآناً للمعرفة الروحية ("ما يولي إلا راوي القَلْبُ شَارَب"). إنه "مفتاح باب الوصال" الذي يوصل المريدين إلى المقامات العليا.
فن التوسل: رحلة المريد من الضيق إلى الفرج

إذا كان المدح يبني صورة الشيخ، فإن التوسل يرسم رحلة الشاعر (المريد) نفسه. يقدم السناني نفسه كنموذج لكل زائر وقاصد، وتمر حالته عبر مراحل واضحة تشكل بنية درامية مؤثرة داخل القصائد:

1. حالة الضيق والاضطرار: غالباً ما تبدأ رحلة التوسل من نقطة الضعف الإنساني. يصور الشاعر نفسه بأنه "حار وضاق به الحال"، "مأسور"، "مهموم ومكيد"، وأنه جاء "هارب" من هموم الدنيا وأثقالها. هذا الاعتراف بالضعف هو مفتاح الدخول إلى حضرة الشيخ، فالقوة لا تُطلب إلا من موقع الحاجة والافتقار.

2. الوقوف بالباب والطلب المباشر: بعد إظهار حالته، يقف الشاعر بباب الضريح ("المزارة") وقفة العبد الفقير أمام السلطان الكريم. يكون طلبه مباشراً وواضحاً، ويتلخص في اللازمة المتكررة التي تمثل جوهر الديوان: "ردني بكمال المقْصُودُ كيف طالب". الطلب هنا ليس مجرد حاجة عابرة، بل هو طلب لـ"كمال المقصود"، أي تحقيق الغاية الروحية القصوى والتحول الكامل.

3. التوسل بالوسائط الروحية: لتقوية طلبه، لا يتوجه السناني إلى الشيخ مباشرة فحسب، بل يتوسل بسلسلة من الوسائط الروحية التي تعزز طلبه وتؤكد ارتباط الشيخ بالمنظومة الإسلامية والصوفية الكبرى. يتوسل بالنبي وآل بيته، وبشيوخ الطريقة مثل التباع والحارثي، وبمراتب الأولياء كالأقطاب والأوتاد، مما يضع طلبه في سياق روحي واسع ومقبول.

تصوير الموسم: الفضاء الروحي الحي

تتفرد قصائد السناني بقدرتها الفائقة على تحويل الموسم السنوي إلى مسرح روحي حيوي. لا يصف الشاعر المكان كبناء جامد، بل كفضاء تتجلى فيه الأسرار وتتفاعل فيه الأرواح. يصور بدقة وصول الوفود من كل حدب وصوب ("صحراء و اجريد و امواشي و ادْشُورُ")، ويصف أحوالهم الروحية المتباينة التي تعكس قوة الجذب الروحي للشيخ: "هاذا يَرْقُصُ و ذاك يَبْكِي بالتغريد، هذا يدعو و ذاك مهول غادي".

يصبح الموسم في شعره "سوقاً مضموناً" للتجارة الروحية، حيث "سلعته" هي النية الصادقة، وربحه هو التوبة والقبول. هذا الوصف الحي يجعل المستمع أو القارئ يعيش تجربة الموسم بكل أبعادها، ويحول القصيدة من مجرد نص مقروء إلى تجربة روحية غامرة.

الخاتمة: إرث حي في الذاكرة المغربية

في الختام، يمكن القول إن منهجية الشيخ إدريس بن علي السناني في مدح الهادي بنعيسى تتجاوز حدود المديح التقليدي. لقد أسس من خلال ديوانه العشرين لخطاب متكامل يجمع بين بناء الصورة المثالية للشيخ الكامل، ورسم المسار النموذجي للمريد السالك، وتصوير الفضاء الروحي الحي الذي تتجلى فيه بركات الولاية. وبفضل لغته الملحونية الأصيلة، وصوره الشعرية النابضة بالحياة، وبنيته المحكمة، استطاعت هذه القصائد أن تعبر عن وجدان آلاف المريدين على مر القرون، وأن تظل حتى اليوم نشيداً حياً يتردد في الحضرات والمواسم، شاهدة على علاقة فريدة بين شاعر وولي، ومريد وشيخه.

المصادر والمراجع

استند هذا المقال التحليلي إلى المنهجية المتبعة في دراسة الشعر الصوفي والملحون، مع الاعتماد على المصادر الأساسية التالية:

  • المصدر الأساسي: ديوان المدائح العيساوية للشاعر إدريس بن علي السناني (القصائد العشرون المشار إليها في الفهرس).
  • للتأصيل التاريخي والأدبي: "معلمة المغرب"، التي تقدم مداخل مفصلة عن شخصيات مثل الهادي بنعيسى وأعلام شعر الملحون.
  • لدراسة شعر الملحون: أعمال الباحثين المختصين في الأدب المغربي، وعلى رأسهم الأستاذ عباس الجراري، الذي تعتبر كتاباته مرجعاً أساسياً في فهم بنية وخصائص شعر الملحون.
  • لفهم السياق الصوفي: الدراسات المتخصصة في التصوف المغربي والطرق الصوفية، خاصة تلك التي تتناول الطريقة العيساوية وتاريخها وطقوسها.
معلومات حقوق النشر

هذا العمل الأدبي يقع في الملك العام. موقع "البقراج" يقوم بجمع وحفظ ونشر هذا التراث الشعبي مع إضافة قيمة تحليلية ومعرفية له.

نشر وتحقيق: الفنان الشعبي أكرم ليتيم

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق